الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:30 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:43 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

تعليم البنات.. أولاً

الكاتب: سما حسن

أخبرتني سيدة فاضلة قصة حياة ابنتها في لقاء عابر جمعني بها، وملخص القصة الحزينة أن الفتاة تزوجت صغيرة من ابن عمها مثل معظم الفتيات اللواتي يفتحن أعينهن على الحياة فيجدن أنهن موهوبات لأبناء الأعمام، ولأن الزواج من ابن العم لم يدم، فقد حمل الأخير متاعه وفرّ من غزة بحثاً عن حلم أو وهم في أوروبا، وتركها مع طفلَيها، في تلك اللحظة فقط قررت أمها أن تكمل ابنتها الحاصلة على التوجيهي تعليمها، وأضافت: إنها سوف تقدم أوراقها للالتحاق بالجامعة وهي تحاول أن تقنع نفسها أن هذه الخطوة سوف تصلح الكثير من أمور حياة ابنتها.
لم أستطع التزام الصمت أمام قرار الأم المتأخر، أي أنها اعتبرت أن التعليم الجامعي لابنتها ليس فرضاً في هذا الزمن الصعب، ووجدت أنه مثل صلاة السنة أو التطوع، وربما يكون هذا التوصيف هو أقل ما يمكن لنظرة المجتمع لتعليم البنت في معظم المناطق خاصة الريفية أو المناطق المهمشة التي دكها الفقر، ولم تتخلص بعد من قيود العرف والعادات التقاليد التي تحتم زواج البنت من ابن عمها، أو تفرض عليها الزواج المبكر، وترى أن التوجيهي أو الثانوية العامة مثل صلاة الفرض أيضاً قد تحصل عليها البنت، ولكنها لا تفتح لها الباب لكي تكمل دراستها، والمعروف أن هذا الزمن لا يقيم وزناً لشهادة التوجيهي على الإطلاق، ولا يهيئ فرصة عمل للبنت ما لم تحصل على شهادة جامعية في تخصص مطلوب لسوق العمل أيضاً، وليس أي تخصص.
وكما نرى في حالات كثيرة حولنا، وللأسف الشديد أيضاً، أن وصول البنت للتوجيهي يعتبر معجزة أو نهاية المطاف عند الكثير من الأسر التي ترى أن البنت مصيرها النهائي هو لبيتها ومطبخها، وأن التعليم العالي ما هو إلا نوع من الترف، وفي بعض الأحيان يتم اللجوء إليه فقط، وفقط لا غير، كتعويض أو مسكّن أو مخدر لنسيان تجربة فاشلة، أو محاولة من الأم بالذات، كما في مثل حالة هذه الفتاة، أن تثبت للجميع أن حياة ابنتها لم تنته بهروب الزوج وهو ابن العم، وربما تأييد أهله لهروبه بحثاً عن حياة أفضل، وقد يتعثر بشقراء أجنبية خلال هروبه ويباركون زواجه منها أملاً في الحصول على جنسية أو إقامة أو أي امتيازات أخرى تقدمها له، على العكس من ابنة العم التي لم تقدم له سوى الأطفال ذوي الأفواه الجائعة.
الأم التي التقيتها قررت أن تقدم لابنتها التعليم الجامعي «عشان تتسلى»، وهي لا تعرف أو تدرك قيمة التعليم الجامعي بالنسبة للفتاة، وكيف يمكن أن يصقل شخصيتها ويحوّلها من طالبة خجولة بزي مدرسي موحد لإنسانة قادرة على التفاعل مع المجتمع الذي أصبح معقداً عن ذي قبل، كما أن مجتمع الجامعة قد يقدم لها فرصة الاختيار، ويؤخر زواجها الفاشل والمبكر الذي يتسبب بأضرار صحية ونفسية كثيرة لا مجال لحصرها، ولعدم نضجها الفكري والعقلي حين تتزوج في سن المدرسة، والبنت أيضاً، والحديث عن الزواج المبكر عموماً، لا يمكن أن تكون أمّاً مناسبة لهذا الجيل الذي أصبح متفتحاً ومنفتحاً، وهي لا تملك سوى شهادة التوجيهي فقط، في حين أن متطلبات العصر تلزم الأم أن تحصل على قدرات ومهارات جديدة لكي تستطيع أن تربي أطفالها وتتعامل معهم.
التعامل مع تعليم البنت بعد أن تفشل كزوجة، سواء بهروب الزوج أو الطلاق برغبة الزوج لأسباب كثيرة، هي خطوة متأخرة جداً.
في مجتمعنا، للأسف، ينخر العرف والعادة والأصول البالية وما وجدنا عليه آباءنا، حتى أصبحت الفتيات ضحايا، وربما كانت البنت، التي تمتلك عشرة من أبناء الأعمام، الأكثر حاجة لتكمل تعليمها لتحمي نفسها من ابن عم سوف ينزلها عن الفرس مرة، ويدوسها تحتها مرات ومرات.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...