كورونا واستشعار الحكومة وإجراءات المواطن

2020-03-14 16:00:51

أمام وباء جديد وغامض وسريع الانتشار اتخذت الحكومة القرار الصعب والمبكر مقارنة بكثير من الدول وفي مقدمتها امريكا التي استهانت بالوباء في بدايته، لكن العالم اليوم بات يدرك سر خطورة المرض المجهول الذي يستهدف الانسان وقدرات الحكومات الصحية بعدما ركزت جهدها على والسلاح والأمن والاقتصاد بعيدا عن الصحة وسلامة الانسان.

 

وباء كورونا المستجد اختبار قوي لقدرة الجهاز الطبي الرسمي ولعل هذا الأمر الذي دفع الحكومة الفلسطينية لإعلان الطوارئ وملاحقة المصابين وحصرهم حتى لا يخرج الوباء عن دائرة السيطرة ومن ثم تنهار الحكومة والمستشفيات أمام أعداد كبيرة للمصابين وتعم الفوضى القاتلة وهو استشعار مبكر من قبل المستوى السياسي والصحي الفلسطيني أثبت جدواه وصحته.

 

اليوم العالم الذي كان يعد العدة للحروب المسلحة او الاقتصادية وصراعات النفوذ وجد نفسه مضطر للتعاون أمام فيروس مجهري لا يرى بالعين وتسعى المختبرات والشركات الطبية ليل نهار لإنقاذ البشرية من خطر المقابر الجماعية في حال لم تغلق الجدران حول كل بؤرة، ولعل تعافي الصين واستعدادها للتعاون مع العالم لنقل خلاصة تجربتها يوضح أن المستقبل للتعاون والشركة وليس الازاحة والإحلال.

 

هذا على المستوى العالمي، والذي أثبت صوابية القرار الفلسطيني الرسمي بالطوارئ والحظر والاستنفار، لكن ذلك لا يعفي المواطن على المستوى الشخصي من اعلان الاستنفار التام للحد من وصول المرض لأشخاص جدد وهو اختبار كبير وخطير.

 

الاختبار للمواطن سهل/ صعب لأنه يجب أن يقف في مكان بين التهوين والتهويل فكلاهما لا يجوز، المطلوب تغييرات على سلوك الفرد بعيدا عن العشوائية والإهمال من خلال عادات نظافة شخصية صارمة، والانتقال لعادات غذائية سلمية، والأهم مغادرة العادات الاجتماعية المفتوحة على كل الاحتمالات حتى لا يستمر توسع هذا البلاء الى حين الوصول للقاح له وانتصار البشرية بالعلم الذي يصنع الدواء لا السلاح.

 

القرار الفلسطيني الرسمي جاء منسجم مع متطلبات الحكمة ودواعي الاحتياط وبدرجة أعلى على المواطن اتخاذ قرارات أكثر جرأة وإحداث تغييرات هامة في السلوك اليومي حتى تبقى فلسطين أمام عدو واحد أخطر من كورونا وهو الاحتلال البغيض لأن معركتنا الأساسية هي معركة الانسان من أجل الحرية والازدهار أولا وأخيرا.