إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس لا يحمل تغييرا جوهريا ‏

2021-10-19 06:04:55

إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس المحتلة هو أحد التزامات الرئيس الأمريكي جو بايدن في حملته ‏الانتخابية الرئاسية، ويترقب الفلسطينيون تحقيق هذا الوعد الأمريكي، في الوقت الذي ترفض فيه حكومة ‏الاحتلال ذلك، بحجة أن افتتاح القنصلية للفلسطينيين في القدس سيكون له عواقب سياسية كبيرة على ‏الحكومة الإسرائيلية، كما قال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد خلال لقاء مع نظيره الأمريكي أنتوني ‏بلينكن، في واشنطن الأسبوع الماضي.‏

وقد أكد بلينكن بعد اجتماعه مع نظيريه الإسرائيلي والإماراتي الأسبوع الماضي، إن واشنطن تعتزم المضي ‏قدما لإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس في إطار جهود لتعميق العلاقات مع الفلسطينيين، ويذكر أن ‏القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية كانت أهم بعثة دبلوماسية أمريكية في فلسطين، وأغلقها الرئيس ‏السابق دونالد ترامب في أعقاب نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في مارس/آذار 2019 ‏ودمجها بالسفارة الأمريكية التي نقلها من تل أبيب إلى القدس أواسط العام 2018.‏

وتسعى إدارة بايدن لإصلاح العلاقات مع الفلسطينيين بعدما تضررت بشدة في عهد ترامب، التي قامت ‏بضم القنصلية إلى السفارة الأمريكية ونقلها إلى القدس من تل أبيب، في خطوة أشادت بها إسرائيل وندد بها ‏الفلسطينيون، وتقول إدارة بايدن إنها ستعيد فتح القنصلية، بينما ستبقي على السفارة في مكانها.‏

وكانت القنصلية الأمريكية بالقدس قبل إغلاقها، منفصلة عن السفارة (في تل أبيب، آنذاك) وتمثل الولايات ‏المتحدة في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، وإضافة الى إصدار التأشيرات، فإن ‏القنصلية كانت تنفذ سلسلة واسعة من مشاريع التواصل مع الفلسطينيين في مختلف المجالات وخاصة ‏التعليم والتجارة والمساعدات الإنمائية‎.‎‏ غير أنه بإلغاء القنصلية، أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية بدون ‏تمثيل دبلوماسي مع الفلسطينيين، الذين رفضوا بشدة التعامل مع السفير الأمريكي في إسرائيل‎.‎

وارتبط إلغاء القنصلية العامة بالموقف الأمريكي الرسمي الذي اعترف لأول مرة بالقدس عاصمة لإسرائيل‎.‎‏ ‏ورأى الفلسطينيون في هذا الموقف على انه يعني عمليا اعتراف أمريكي بتوحيد شطري المدينة الشرقي ‏والغربي، تحت السيادة الإسرائيلية وهو ما يرفضه المجتمع الدولي‎.‎

واستبشر الفلسطينيون خيرا، بإعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال حملته الانتخابية، عزمه إعادة فتح ‏السفارة الأمريكية بالقدس‎.‎‏ وجددت وزارة الخارجية الأمريكية الإعلان عن قرار الإدارة الأمريكية تنفيذ هذا ‏الوعد بعد فوز بايدن بالانتخابات‎.‎‏ ولكن في حين أن الإدارة الأمريكية متمسكة بقرارها إعادة فتح القنصلية، ‏إلا أنها لم تحدد موعدا زمنيا لتنفيذ هذا القرار أو آلية تنفيذه.‏

وكان الموقع الإلكتروني للقنصلية الأمريكية قبل إغلاقه عام 2019 قد تضمن نبذة عن تاريخها، مفيدا أن ‏القنصلية الأمريكية العامة في القدس قد تأسست أولا عام 1844 في البلدة القديمة داخل منطقة باب ‏الخليل، وقد تم تأسيس مكتب قنصلي دائم عام 1856 في المبنى نفسه، والذي يعرف اليوم بمركز الدراسات ‏المسيحية السويدي‎.‎‏ ثم انتقلت القنصلية الأمريكية في أواخر القرن التاسع عشر إلى موقع آخر في شارع ‏الأنبياء الذي يبعد قليلا عن البلدة القديمة أي قبل انتقالها إلى الموقع الحالي عام 1912 والموجود في ‏‏”طريق أجرون” في القدس الغربية‎.‎‏ وقد أُنشأ المبنى الحالي للقنصلية عام 1868 من قبل البعثة الألمانية ‏اللوثرية‎.‎‏ وكانت البناية من أوائل البيوت التي بنيت خارج جدران البلدة القديمة‎.‎‏ وشمل مبنى القنصلية ‏الأصلي طابقين فقط وتم اضافة الثالث، في أوائل القرن العشرين، ويشمل المبنى الرئيسي كل من: مكان ‏إقامة القنصل العام ومكاتب الموظفين‎.‎

منذ عام 1952، استأجرت الحكومة الأمريكية موقعا آخر في شارع نابلس بالقدس الشرقية، وفي عام ‏‏2006، وسعت القنصلية الأمريكية العامة تواجدها في طريق أجرون، باستئجار مبنى محاذي وخصصته ‏لمكاتب الإدارة والعلاقات العامة‎.‎‏ تم إنشاء البناية في الستينيات من القرن التاسع عشر وقد كانت دير ‏للإرسالية، وتعرف أيضا باسم اللزريست ومازالت إلى اليوم تحتضن مجموعة صغيرة من رجال الدين‎.‎‏ وتتحد ‏مكاتب شرقي وغربي القدس تحت سلطة القنصل الأمريكي العام، الذي يرأس إرسالية أمريكية مستقلة والتي ‏تمثل الممثلية الدبلوماسية الرسمية للولايات المتحدة في القدس والضفة الغربية وغزة‎.‎‏ كما توفر القنصلية ‏أيضا خدمات للمواطنين الأمريكيين في القدس والضفة الغربية وغزة.‏

إعادة افتتاح القنصلية الأمريكية في القدس لم يحدد وقتها بعد، ورغم أهميتها السياسية والمعنوية بالنسبة ‏للفلسطينيين، إلا أنها لا تشكل تغييرا جوهريا في الموقف الأمريكي المساند والداعم لحكومة الاحتلال، ولا ‏تنطوي على خطوات أمريكية جدية للتدخل الجاد من أجل دفع مساعي التسوية السلمية، ينهي الاحتلال ‏الإسرائيلي للأراضي الفلسطيني المحتلة، ويعيد للشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية المشروعة في الحرية ‏والاستقلال، بل قد تجدد الأوهام بموقف أمريكي لصالح القضية الفلسطينية، وهذا لم يتحقق بعد رغم انتظاره ‏الطويل. ‏