الفتنة والحكمة الوطنية  

2022-09-21 07:05:49

من المعلوم أن الفوضى والعبث والتدميرالذاتي وعملية الاقتتال الداخلي في فلسطين العربية هي أحد أهم الأهداف التي تسعى لها السلطات الصهيونية المحتلة المنهمكة بجدّ في سرقة أرضنا يوميًا، والمنشغلة بتهويد الأقصى والقدس وكل البلد، وتدمير كل سُبل عيش الفلسطينيين، ورفض تحقيق استقلال دولة فلسطين، واتهام السلطة الوطنية الفلسطينية بالضعف.

الاحتلال الصهيوني بإشعاله الفتنة الداخلية يهدف لأن يتلهّى الفلسطينييون باقتتالهم الداخلي ببعضهم البعض ليرفع الإسرائيلي يديه الى الخلف فرحًا شامتًا مرتاحًا، فقد تأخذ قواته الإرهابية راحة ولا تلوّث يديها بدماء الفلسطينيين مؤقتًا، رغم أنه لا يطفيء ظمأها مسلسل القتل الذي لا ينتهي، فكيف وإن كان بيدي الأخوة.

الفتنة الوطنية التي وقعت بين العائلات الكريمة في الخليل منذ فترة، وتلك التي سبقتها في بعض أرجاء الوطن بالقرى هي بالحقيقة غريبة عن النسيج الاجتماعي الوطني المتماسك الذي تقف فيه العشائر والعائلات (وكذلك الفصائل السياسية عامة) وقفة بطولية في وجه المحتل، وحفاظًا على السلم الأهلي، فيأتي مجنون ليرمي حجر الفتنة في بئر ومهما كان البلل يصبح إخراجه من البئر شبه مستحيل.

لم تكن الفتنة في نابلس بالأمس ببعيدة عن المسعى الصهيوني المستميت لإحداث الاقتتال الداخلي الوطني بين مكونات الوطن وتنظيماته وشرائحه، ومنها بين الأجهزة الفلسطينية الأمنية وبين الشباب الناهض، لاسيما والمعركة الصهيونية ضد الفلسطيني متمثلة بالخطف والقتل والاعتقال يومية في كل البلاد وقد أنهكت الصهيوني كثيرًا! وكشفت وجهه القميء دوليًا ومازالت.

لسان حال الإسرائيلي المحتل يقول لم لا توجّه البندقية والحجر والحقد نحو الأجهزة الأمنية-التي تلقي كل التشويه المبرمج منه ومن المحرّضين "البواسل"!- وهو ما كان، وتساوق مع هذا الصوت التحريضي الأجش جماعة من الجهلة و المحرضين الحاقدين الأبديين، والعصبويين الحزبيين، وأصحاب الاجندات غير الوطنية، وعلى قلّتهم فهم الذين لا يعنيهم لو قُتل الاخ والصديق والام والأبنة، وهم من يرتفع صوتهم فقط حين يكون السلاح منحرفًا.

في أراضي فلسطين أو ما تسمى الداخل أو أراضي 48 لا تجد إذاعة مكان الإسرائيلية الا تذكيرنا يوميًا بإحصاء لعدد القتلى الفلسطينيين في جرائم القتل فيما تسميه "دوامة العنف"! وكأن كل القتل الصهيوني الحاقد بالعشرات في الضفة أو غزة أو الداخل ليس دوامة عنف! وإرهاب ممنهج!

تعمد السُلَط الصهيونية لوصم المجتمع الفلسطيني عامة بالدموية والفوضى والعبثية والإرهاب فهو في الصورة التي يرسمها ويكرسها لايستحق دولة ولا يستحق استقلالًا ولا يستحق تقرير المصير!؟ ولكم أن تحمدوا الله ان "الدولة يهودية"!؟ 
والى ذلك لتظل صورتها "الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط"!؟ وحقيقة الأمر أن الحق كل الحق على السلطة الإسرائيلية المحتلة والمتحكمة بكل مفاصل الحياة التي تسمح وتحض على تداول السلاح تحت رعايتها كما الحال برعاية العصابات بالداخل وكما اعترفت بعض الأجهزة الصهيونية.

في الفتنة الاخيرة  بالأمس 20/9/2022م في نابلس ركّزت الإذاعة الصهيونية محرّضة ومكرّرة أن الأحداث كانت بين الأجهزة و"الأهالي"! لاحظ تكرار كلمة "الاهالي" مقابل الأجهزة؟! ما هو كذبٌ صُراح، وحيث يتصور المستمع العادي أن مدينة نابلس كلها تقف ضد السلطة الوطنية الفلسطينية؟! وهو التحريض المراد أن يصل للجمهور في فلسطين وخارجها، وهو ذات الأمر حين استخدام مصطلح "دوامة العنف" في الداخل، أو تسمِيَة أي رد فعل ضد الإسرائيلي المدجج بالسلاح من قبل أي شخص فلسطيني أعزل أنه "إرهاب"! فتقتله هكذا!

إن ما حرضت عليه السُلَط الإسرائيلية قد آتى ثماره، لاسيما وأن من الجهلة أوالمأجورين من يتساوق مع ذلك بهبل أو عاطفة غير متزنة أو قصد. 

إن السلطة الصهيونية التي لم تتوقف عن حملة الاعتقالات الإرهابية في كل المدن، وهي القوة المنهكة من فقدانها السيطرة على مقاومة الشعب الفلسطيني الجماهيرية السلمية اليومية في كل مكان تحاول تكرارالاتهامات للسلطة الوطنية الفلسطينية أنها "تفقد السيطرة" وأنها "ضعيفة" ما يؤهل السلطة الصهيونية الاحتلالية أن تستمر في حملة الاعتقالات الإرهابية لنشطاء المقاومة الشعبية التي أحرجت الصهيوني وكشفت وجهه القبيح بجدارة.   

حين تجتمع القوى الوطنية الفلسطينية جمعاء في نابلس لتظهر حقيقة الحكمة الفلسطينية ولتضع حدًا للفتنة فإنها تقوم بواجبها العظيم، وتقرر بما لا شك فيه أن بوصلة الشعب الفلسطيني هي فقط ضد المحتل وبأسلوب النضال الذي تم اختياره وهو المقاومة الشعبية التي يجب ان تستمر حتى الاستقلال لدولة فلسطين، لان الاحتلال والاحتلال فقط هو التناقض الرئيس، وما دونه -مهما اختلفنا معه- فهو تناقض ثانوي، ولن يتم رفع السلاح بوجهه، كما رددت كثير من أبواق الفتنة القميئة قديمًا وحديثًا.  

دعنا نقول أنه عندما يعلو صوت العقل والحكمة يتم وأد الفتنة بين الأخ واخيه، ويسقط المحرضون في بئر آسن، ويحترق الاحتلال من الداخل. ونقول عاشت الأيدي الوطنية الصامدة. وكل الشكر لحكمة حركة ".فتح". والفصائل التي تئد الفتنة، وهاهم أبطالها ينظفون الساحات في نابلس بكل مسؤولية وطنية عالية.