الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:09 AM
الظهر 12:44 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:02 PM
العشاء 8:19 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

المدرسة المرينية بسلا المغربية.. تحفة معمارية مزخرفة بالأشعار

كتب أغلب هذه الأشعار القاضي أبو العباس
كتب أغلب هذه الأشعار القاضي أبو العباس

مرتديا الجلباب التقليدي الأصيل، يفترش المغربي مصطفى قنوفة الأرض وسط صحن المدرسة المرينية بمدينة سلا، ويتحلق حوله عدد من التلاميذ، في محاكاة لعملية التدريس في هذه المدرسة التاريخية التي بنيت في القرن 14.

وتعد هذه الفعالية جزءا من الأنشطة الثقافية التي يؤطرها الناشط الاجتماعي قنوفة لربط الجيل الجديد بتاريخه والتعريف بالمآثر التي تزخر بها مدينة سلا العريقة.

يقول قنوفة إنه حاول خلال الفعالية التي نظمتها "جمعية إنقاذ تراث سلا" العودة باليافعين والأطفال إلى الماضي حين كانت المدرسة المرينية محجا لطلبة العلم من سلا ومن مختلف المدن.

الناشط المدني مصطفى قنوفة خلال محاكاة للتدريس في المدرسة المرينية 

ويضيف "أردت العودة باليافعين للماضي ليعرفوا كيف كان الطلبة يتحلقون حول أستاذهم لا يحملون كراريس ولا أدوات مدرسية، يستمعون بإمعان واهتمام لما يلقيه عليهم العالِم، مدفوعين بشغف عارم بالمعرفة ورغبة جامحة في التعلم".

وتقع المدرسة المرينية بحي الطالعة بمحاذاة الجامع الأعظم الذي بُني في العصر الموحدي سنة 420 للهجرة، وتعد واحدة من أجمل المدارس التي بنيت في العصر المريني.

صحن المدرسة المرينية وأعمدتها ويظهر إبداع الصانع التقليدي ومهاراته

وتعد الدولة المرينية من أهم دول الغرب الإسلامي في العصر الوسيط، وهي رابع دولة حكمت المغرب الأقصى بعد الأدارسة والمرابطين والموحدين، وأطولهم مدة إذ استمر حكمها من القرن السابع إلى منتصف القرن التاسع الهجريين (بين القرنين 13 و15 الميلاديين).

وعرف العصر المريني بازدهار التعليم؛ إذ اهتم سلاطين هذه الدولة ببناء المدارس وتفننوا في زخرفتها وإعمارها، وبدأ بناء المدرسة المرينية بسلا سنة 733 هجرية بأمر من السلطان أبو الحسن المريني وانتهت أشغال البناء سنة 742 هجرية.

الباب الخارجي للمدرسة المرينية

علوم متنوعة

بنحو دولار واحد يمكن للزائر دخول المدرسة المرينية بعد أن يتجاوز أزقة المدينة القديمة الضيقة، ليجد نفسه وسط لوحة فنية أبدعها صناع تقليديون منذ قرون. وتتكون المدرسة من فناء مستطيل مفتوح على السماء يتوسطه حوض من رخام تحيط به 4 أروقة.

وينفتح أحد هذه الأروقة على قاعة رئيسية كبيرة بها محراب، وسقفها على شكل قبة من الخشب كانت تؤدى بها الصلاة ويتلقى فيها الطلاب الدروس.

بقرب المدخل، توجد سلالم ضيقة تقود إلى غرف صغيرة تتوزع على طابقين، وعددها نحو 40 غرفة كانت مكان إقامة طلبة العلم القادمين من مختلف المدن.

محاكاة طريقة التعليم في المدرسة المرينية التي بنيت في القرن 14 الميلادي

فرشت أرضية هذه المدرسة بالزليج القديم، وبه زينت حيطانها وسواريها على ارتفاع مترين يتصل بها حزام من الجبس المنقوش.

كل جدران وسقوف المدرسة مزخرفة بنقوش هندسية وورقية أو نباتية ونقوش كتابية، وتعد تحفة معمارية تعكس إبداع الصانع التقليدي ومهاراته.

والنقوش الكتابية في الزليج والجبس عبارة عن أبيات شعرية تمدح باني هذه المعلمة وتدعو له وتذكر محاسن المدرسة.

وكتب أغلب هذه الأشعار القاضي أبو العباس أحمد بن الحفيد السلوي، الذي كان من علماء مجلس السلطان أبي الحسن المريني، وأسند إليه بناء المدرسة، ومحيت جل تلك الأشعار بفعل الزمن، ولم يبق واضحا منها إلا قليل.

نقوش كتابية على جدران وأعمدة المدرسة وهي عبارة عن أشعار في مدح بانيها وذكر محاسن المدرسة 

أشعار منقوشة

عند مدخل المدرسة على اليسار تظهر أشعار منقوشة على الجبس جاء فيها:

لعمري لقدر مارست شتى المجالس    ومازجت في الآفاق جل المدارس

وحدثت عن حمص وبغداد وانتهت     إلى مسمعي أنباء عن كل ممارس

وأنبأني الركبان عن كل بلدة       من المغرب الأقصى إلى أرض فارس

فما لاحظت عيني ولا شق مسمعي     كـــــــهذا الذي أزرت بكل منافس

القاعة الرئيسية في المدرسة حيث يوجد محراب للصلاة

كانت هذه المدرسة مكانا لتكوين النخبة في ذلك الوقت، إذ كانت تدرس علوما متنوعة؛ منها علوم الشريعة واللغة العربية والفلسفة والصنائع والطب والتصوف، وكان أعيان مدن أخرى -مثل فاس العاصمة آنذاك- يرسلون أبناءهم لهذه المدرسة للدراسة فيها؛ كونها تضم أساتذة وعلماء كبارا ومشهورين، مثل عمر بن غياث، وأبو الفضل العجلاني، وأحمد بن عاشر الأندلسي.

وازدحمت المدرسة بالطلبة، مما دفع إلى نقل الدروس إلى الجامع الأعظم الذي تفصله عنها خطوات، وبقي الطلبة يقيمون فيها ويشتغلون بالمطالعة والكتابة وحفظ أمهات الكتب التي يدرسونها عن شيوخهم في الجامع الأعظم، ولم تتوقف عن استقبال الطلبة إلا في القرن 19.

جدران المدرسة تتزين بنقوش كتابية وأبيات شعرية

ترميم متواصل

كانت المدرسة تمول من المداخيل المستخلصة من الأملاك الموقوفة عليها داخل المدينة وخارجها تحت إشراف إدارة الأوقاف. وحسب المصادر التاريخية، فقد خضعت المدرسة للترميم في نهاية القرن 18 بإشراف قاضي سلا محمد بن حجي القاسم زنيبر، واستؤنفت الإصلاحات سنة 1864 على يد ناظر الأحباس، وفي فترة الاستعمار عملت مصلحة الفنون الجميلة التابعة لإدارة الحماية الفرنسية على تصنيف المدرسة ضمن المآثر الوطنية وواصلت أشغال ترميمها.

يقول محافظ المدرسة مصطفى شكري إن ما يميز هذه المدرسة أنها أصغر المدارس المرينية في المغرب؛ إذ لا تتجاوز مساحتها 180 مترا مربعا، ومن أجملها في النظر لدقة زخارفها.

أحد أروقة المدرسة

ويشير إلى أن آخر عملية ترميم خضعت لها المدرسة بدأت سنة 2000 واستمرت 5 سنوات، ويضيف إنه أشرف بنفسه -بوصفه عالم آثار إلى جانب كونه مفتش أبنية تاريخية- على ترميم المدرسة من أجل الحفاظ على خصوصياتها المعمارية التي تميز المعمار في القرن 14 والحيلولة دون المس بشكلها الأصلي.

وشملت عملية الترميم معالجة سقوفها وأبوابها وأعمدتها الخشبية والحجرية وزخارفها المنقوشة على الجبس والخشب، إلى جانب مدها بالكهرباء والماء وتغطية الصحن بسقف متحرك لحمايته من تسرب مياه الأمطار بعد أن كان مفتوحا على السماء كعادة البيوت في المدن القديمة.

المدرسة المرينية بسلا تحاذي الجامع الأعظم الذي بني في العهد الموحدي

وبسبب تآكل هذا السقف لقرب المدرسة من البحر، يشير شكري إلى أنه سيتم قريبا إعادة تركيب سقف جديد كهربائي بعد استكمال الموافقات المالية على المشروع.

ورغم أنها من أهم وأجمل المدارس التاريخية في البلاد فإنها غير معروفة لدى السكان المحليين والسياح، فلا تعرف زيارات مكثفة ولا تصل إليها الوفود السياحية.

ويفسر بعض المسؤولين ذلك بطول فترة إغلاقها خلال فترة الترميم، مما جعل وكالات السفر تزيلها من برامجها السياحية، كما أن غياب اللافتات في المدينة القديمة ذات الدروب الضيقة والملتوية توجه الزوار إلى المواقع التاريخية يحول دون الوصول إليها.

Loading...